أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : أهل الاستجابة في القرآن والسنة ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أهل الاستجابة في القرآن والسنة ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 27 صفر 1444هـ، الموافق 23 سبتمبر 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 سبتمبر 2022م بصيغة word بعنوان : أهل الاستجابة في القرآن والسنة ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 سبتمبر 2022م بصيغة pdf بعنوان : أهل الاستجابة في القرآن والسنة ، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 سبتمبر 2022م بعنوان : أهل الاستجابة في القرآن والسنة.

 

أولًا: الاستجابةُ صفةٌ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ.             

 ثانيـــًا: فضلُ الاستجابةِ. 

 ثالثـــًا: صورٌ مشرقةٌ في الاستجابةِ.                   

 رابعًا وأخيرًا: بَادرْ قبلَ أنْ تُبادرَ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 سبتمبر 2022م  بعنوان : أهل الاستجابة في القرآن والسنة : كما يلي:

 

أهلُ الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ خطبة الجمعة بتاريخ: 27 من صفر 1444هـ –  23 سبتمر2022م د. محمد حرز

الحمدُ للهِ المعزِّ لمَن استجابَ لأمرِهِ، المذلِّ لمَن عصاهُ وخالفُهُ، نحمدُهُ سبحانَهُ لا إلهَ غيرهُ ولا معبودَ سواهُ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ : ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ (الأنفال: 24)،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في صحيحِ البخارِي مِنْ حديثِ أَبِى هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ـ  عَنِ النَّبِيِّ -صلّى اللهُ عليه وسلم- قَالَ: « كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا:

يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى) ,فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين. أمَّا بعدُ ..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  (آل عمران :102.

عبادَ الله: أهلُ الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

عناصرُ اللقاءِ                                   :

أولًا: الاستجابةُ صفةٌ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ.             

 ثانيـــًا: فضلُ الاستجابةِ. 

 ثالثـــًا: صورٌ مشرقةٌ في الاستجابةِ.                   

 رابعًا وأخيرًا: بَادرْ قبلَ أنْ تُبادرَ.

أيُّها السادةُ:

بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ، وخاصةً و اللهُ جلَّ وعلَا  ينادِيكَ، فهل تجيبُ نداءَ اللهِ جلَّ وعلَا؟ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يدعُوك، فهل تُلبِّي دعوتَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم؟ اللهُ تعالَى ينادِيكَ قائلًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)؛ فهلْ أجبنَا اللهَ جلَّ وعلَا؟! ونبيُّنَا -صلَّى اللهُ عليه وسلم- يأمرُنَا وينهَانَا، قال صلَّى اللهُ عليه و سلم :

((مًا نَهَيْتُكُمْ عنْه فاجْتَنِبُوهُ، وما أمَرْتُكُمْ به فافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ)) متفقٌ عليهٍ، فهلْ أطعنَاهُ؟ فهلْ استجبنَا لأمرهِ ونهيهِ ؟!

وخاصةً و الدليلُ على صدقِ إيمانِك, ،وقوةِ يقينِك ، وشدةِ حبِّكَ للهِ ورسولهِ  هو سرعةُ استجابَتِكَ لأوامرِ اللهِ ورسولِهِ صلَّى اللهّ عليه وسلم

قالَ ابنُ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه:

إذا سمعتَ )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ(فأرعِ لها سمعَك، فإنَّها إمَّا خيرٌ تُؤمرُ بهِ أو شرٌّ تُنْهَى عنه….وللهِ درُّ الشافعي رحمَهُ اللهُ

تَعصِي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ  ***  هَذا مَحالٌ في القِياسِ بَديعُ

لَو كانَ حُبُّكَ صادِقًا لَأَطَعتَهُ  ***  إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : أهلُ الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ

أولًا: الاستجابةُ صفةٌ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ.             

أيُّها السادةُ:

الاستجابةُ هي الخضوعُ والانقيادُ والطاعةُ للهِ ولرسولهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- والاستجابةُ أنْ ينقادَ قلبُكَ وجوارحُك وأقوالُك وأفعالُك وجميعُ حالِك لأوامرِ الدينِ ونواهيهِ، والاستجابةُ للهِ والرسولِ هي الاستجابةُ للإسلامِ بكلِّ ما فيهِ، استِجابةٌ شاملةٌ واسعةٌ في كلِّ شيءٍ دعانَا إليهِ ربُّنَا ورسولُنَا  صلَّى اللهُ عليه وسلم ,يستجيبُ المسلمُ لله في كلِّ شؤونِ حياتِهِ، في الصلاةِ، والزكاةِ، والصيامِ، في طاعةِ الوالدَينِ، وصِلةِ الأرحامِ، والمُعاملاتِ، في لِباسِهِ وهيئتِه وعملِه.

والمرأةُ تستجيبُ للهِ في حجابِهَا، وسترِهَا، وزينتِهَا، ومنزلِهَا، وعلاقتِهَا مع زوجِهَا وأطفالِهَا.فالاستجابةُ أنْ تكونَ الطاعةُ مطلقةً للهِ ولرسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم وكيف لا ؟واللهُ جلَّ وعلَا يقولُ في محكمِ التنزيلِ: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[الأحزاب:٣٦]، وقالَ جلَّ وعلَا:(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النساء:65].

وكيف لا؟ واللهُ جلَّ وعلَا نادَى على أهلِ الايمانِ بنداءِ الكرامةِ في القرآنِ:

((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} الأنفال:24،قال أبو سَعيدٍ بنُ المُعَلَّى الأنْصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه كما في البخارِي (( كُنْتُ أُصَلِّي في المَسْجِدِ، فَدَعانِي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فقالَ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ:

{اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]؟ فما هو حالُك أيُّها المسلمُ عندما يبلغُكَ حكمُ اللهِ في مسألةٍ مِن شؤونِ حياتِك، وعندمَا يبلغُكَ حكمُ رسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم في قضيةٍ مِن قضايَا معاشِك، كم يمضِي عليكَ مِن الزمنِ لتمتثلَ حكمَ اللهِ وحكمَ رسولِ اللهِ؟ هل تطبقُ أمرَهُمَا بأسرع صورةٍ ممكنةٍ؟ أم تتريثُ حينًا مِن الدهرِ، يومًا، أسبوعًا، شهرًا وربُّمَا أكثر مِن ذلك وربَّما لا تمتثل ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ!!!

فدينُنَا قائمٌ على الاستجابةِ، قائمٌ على التنفيذِ، قائمٌ على التطبيقِ، قائمٌ على المبادرةِ بالاستجابةِ لأمرِ اللهِ وأمرِ رسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم، فالاستجابةُ والمبادرةُ بالتنفيذِ صفةٌ مِن صفاتِ المؤمنين، و صفةٌ مِن صفاتِ الأنبياءِ والمرسلين و صفةٌ مِن صفاتِ الملائكةِ الأبرارِ قالَ جلَّ وعلَا في حقِّ الملائكةِ:

((لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) (التحريم:6 )

وهكذا شأنُ الانبياءِ والمرسلين سرعةُ الاستجابةِ للهِ جلَّ وعلَا ,فهذا هو موسى عليه وعلى نبيِّنَا الصلاةُ والسلامُ لمَّا اختارَ سبعين رجلاً لميقاتٍ وقَّتَهُ لهُ ربُّ العالمين، أسرعَ موسَى للقاءِ اللهِ تعالَى وخلَّفَ قومَهُ وراءَهُ، فعجبَ اللهُ منه، قال مخاطبًا إيَّاهُ:

(وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى, قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) طه:83-84.وهذا هو إبراهيمُ عليه وعلى نبيِّنَا الصلاةُ والسلامُ لمَّا رأى في المنامِ أنَّهُ يذبحُ ولدَهُ، علمَ ذلك النبيُّ الأواهُ الحليمُ، علمَ أنَّ رؤيا الأنبياءِ حقٌّ، وإنْ كانتْ تقتضِي ذبحَ فلذةِ الكبدِ، علمَ أنَّ رؤيا الأنبياءِ حقٌّ، وإنْ كانت تقتضِي أنْ تمرَّ الشفرةُ الحادةُ على حلقِ الابنِ البارِّ في حين انقطاعٍ مِن الولدِ والذريةِ)) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ))الصافات:102

هكذا كانتْ استجابةُ إبراهيمَ عليه السلامُ لرؤيَا رآهَا، وهو يعلمُ أنَّ رؤيَا الأنبياءِ حقٌ ووحيٌ، ولم يقلْ:

أعوذُ باللهِ مِن الشيطانِ، هذه أضغاثُ أحلام، أوهذه مناماتٌ مختلطةٌ، فانظرُوا إلى هذه الاستجابةِ الفوريةِ، ولو كانتْ على حسابِ فراقِ الأبِّ والابنِ، ولو كانتْ على حسابِ إبانةِ الرأسِ عن الجسدِ، اللهُ أكبرُ ..

وهذا هو نبيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم  الوحيدُ الطريدُ الشريدُ الذي لا ناصرَ لهُ إلّا الله، ولا معينَ لهُ إلّا الله، يؤذِيه أهلُ مكةَ ويضعون الشوكَ في طريقِه، ويلقونَ سلَى الجزورِ على ظهرهِ، فيخرجُ هائمًا، ويخرجُ منطلقًا على وجههِ لا يجدُ أحدًا يعينُهُ، فيذهبُ إلى الطائفِ فيغرون بهِ السفهاءَ والصبيان يرمون أقدامَهُ بالحجارةِ حتى أدمُوهًا، ذلك النبيُّ خيرُ مَن وطئتْ قدمُهُ الثرَى، أشرفُ الأنبياءِ والمرسلين وينزلُ عليهِ قرآنًا يُتلَى إلى يومِ الدينِ )):

فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ((الحجر:94 فجاءتْ الاستجابةُ سريعًا كما في حديثِ ابنِ عباسٍ رضى اللهُ عنهما صَعِدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي عَدِيٍّ -لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حتَّى اجْتَمَعُوا، فَقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم؛ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)) رواه البخاري

وهكذا كان شأنُ الصحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدين:

كان شأنُهُم المتابعةَ، وكان شأنُهُم التنفيذَ، وكان شأنُهُم التطبيقَ، ما وقفُوا يومًا يحتجون، أو يعترضون، أو يفرضون الشُّبَه، أو الحججَ على أمرِ اللهِ، وشرعِ اللهِ، وشرعِ نبِيِّهِ صلّى اللهُ عليه وسلم، قال جلَّ وعلا)) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ))[النور:51

وفي صحيح مسلمٍ منْ حديثِ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ {لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ وإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ به اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ واللَّهُ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284]، قالَ: فاشْتَدَّ ذلكَ علَى أصْحابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأتَوْا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا علَى الرُّكَبِ، فقالوا:

أيْ رَسولَ اللهِ، كُلِّفْنا مِنَ الأعْمالِ ما نُطِيقُ، الصَّلاةَ والصِّيامَ والْجِهادَ والصَّدَقَةَ.

 وقدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هذِه الآيَةُ ولا نُطِيقُها، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أتُرِيدُونَ أنْ تَقُولوا كما قالَ أهْلُ الكِتابَيْنِ مِن قَبْلِكُمْ: سَمِعْنا وعَصَيْنا؟ بَلْ قُولوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ، قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَها القَوْمُ، ذَلَّتْ بها ألْسِنَتُهُمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ في إثْرِها: {آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِن رَبِّهِ والْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ باللَّهِ ومَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ وقالُوا سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ} [البقرة: 285]

فَلَمَّا فَعَلُوا ذلكَ نَسَخَها اللَّهُ تَعالَى، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا أوْ أخْطَأْنا} [البقرة: 286] قالَ: نَعَمْ رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عليْنا إصْرًا كما حَمَلْتَهُ علَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنا} قالَ: نَعَمْ {رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لنا بهِ قالَ: نَعَمْ {واعْفُ عَنَّا واغْفِرْ لنا وارْحَمْنا أنْتَ مَوْلانا فانْصُرْنا علَى القَوْمِ الكافِرِينَ} قالَ: نَعَمْ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : أهلُ الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ

 ثانيـــًا: فضلُ الاستجابةِ. 

أيُّها السادةُ: المُستجِيبُون للهِ ورسولهِ هم أهلُ الفلاحِ والصلاحِ والنجاحِ، وهم المؤمنونَ حقًّا، الفائِزُونَ بالمطلوبِ، النَّاجُونَ مِن الكُرُوبِ، فتقرُّ أعينُهُم، وتسعَدُ أرواحُهُم.لذا ذمَّ اللهُ في كتابهِ الكريمِ أُممًا بتركِهِم الاستجابةَ والعملَ بمَا جاءَهُم، فقالَ في ذمِّ اليهودِ:

((مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين)) الجمعة:5 ،ولذا غضبَ اللهُ عليهم؛ لأنَّهم علِمُوا وما استجابُوا، بل شبَّه اللهُ جلَّ وعلا المستجيبَ لنداءِ اللهِ ورسولهِ بالحيِّ، والذي لا يستجيبُ بالميتِ، فقالَ عزَّ مَن قال:

((إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُون ((الأنعام:36.

والاستجابةُ لها فضائلٌ كثيرةٌ وعديدةٌ: فالحياةُ الحقيقيةُ هي الاستِجابةُ للهِ ولرسولهِ الكريمِ حياةُ القلبِ والعقلِ، حياةُ النفسِ والمُجتمعِ، حياةُ الأمةِ كلِّهَا، ، وأمَّا مَن ماتَ قلبُهُ فلا استِجابةَ عندَهُ، قال اللهُ تعالَى: ﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﴾ النمل: 80.

ومِن فضلِهَا يستجيبُ اللهُ لمَن استجابَ لهُ، وأجابَ دعاءَهّ قالَ ربُّنَا ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ آل عمران: 195 والاستجابةُ سبيلٌ إلى الرشادِ وإجابةِ الدعاءِ قالَ جلَّ وعلَا ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي)) البقرة:186.

ومِن فضلِهَا :مَن استجابَ للهِ فلهُ الجنةُ وزيادةٌ، ومَن أعرضَ عنهُ فله النارُ، قالَ جلَّ وعلَا:

((لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ((الرعد:18.والاستجابةُ مِن علاماتِ الإيمانِ قالَ جلَّ وعلَا ((وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ((الشورى:٢٦. ومِن فضلِهَا أنَّها سببٌ مِن أسبابِ مغفرةِ الذنوبِ ورفعِ الدرجاتِ قالَ ربُّنَا ((يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ))الأحقاف:٣١.

ومِن فضلِهَا أنَّ الاستجابةَ لأوامرِ اللهِ سبحانَهُ نجاةٌ في الدنيا والآخرةِ مِن هولِ يومِ القيامةِ، قالَ جلَّ وعلَا:(( اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}الشورى:47

واعلمُوا أيُّها الأخيارُ: أنَّ عدمَ الاستجابةِ دليلٌ على اتباعِ الهوَى قالَ ربُّنَا :

((فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))القصص:50, قال ابنُ القيمِ الجوزيةِ طيبَ اللهُ ثرَاهُ: ” فقسمَ الأمرَ إلى أمرينِ لا ثالثَ لهمَا، إمَّا الاستجابةُ للهِ والرسولِ وما جاءَ بهِ، وإمَّا إتباعُ الهوىَ، فكلُّ ما لم يأتِ بهِ الرسولُ فهو مِن الهوَى،سلمْ ياربِّ سلمْ ,و عدمُ الاستجابةِ دليلٌ على اتباعِ الشيطانِ قالَ جلَّ وعلَا  حكايةً عن الشيطانِ :

((وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)) ياربِّ سلمْ، وعدمُ الاستجابةِ لأوامرِ اللهِ ورسولهِ دليلٌ على الهلاكِ والخزيِ والعارِ ففي صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ سلمةَ بنِ الأكوعِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بشِمَالِهِ، فَقالَ: كُلْ بيَمِينِكَ، قالَ: لا أَسْتَطِيعُ، قالَ: لا اسْتَطَعْتَ، ما مَنَعَهُ إلَّا الكِبْرُ، قالَ: فَما رَفَعَهَا إلى فِيهِ))

فالنُّكوصُ عن الاستِجابةِ يُسبِّبُ الاختلافَ، واضطرابَ الأحوالِ، واختِلالَ الميزانِ، وشُيُوعَ الفسادِ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : أهلُ الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ

 ثالثـــًا: صورٌ مشرقةٌ في الاستجابةِ.                   

أيُّها السادةُ الأخيارُ:دعونَا نقلبُ صفحاتِ الأخيارِ، ونتذاكرُ سيرَ الأبرارِ لننظرَ كيفَ أحوالُهُم في الاستجابةِ والمبادرةِ والسرعةِ في تنفيذِ أمرِ اللهِ وأمرِ رسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم لنتعظَ ولنعتبرَ ولنسيرَ على دربِهِم لنسعدَ في الدنيا والآخرةِ، لمَّا نزلَ قولُ اللهِ جلَّ وعلَا:

{ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا…}[البقرة:245] قالَ أبو الدَّحداحِ يا رسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ تعالى يريدُ منَّا القرضَ؟ قالَ:  نعَم يا أبا الدَّحْدَاحِ قالَ: أرِني يدَكَ فناولَهُ يدَهُ قالَ قد أقرضتُ ربِّي حائطي وحائطُهُ فيه سِتُّمائةِ نخلةٍ فجاءَ يمشِي حتَّى أتَى الحائطَ وأمُّ الدَّحداحِ وعيالُهَا فيهِ فنادَى يا أمَّ الدَّحداحِ فقالتْ: لبَّيكَ فقالَ اخرُجِي فقد أقرضتُهُ ربِّي) رواه البيهقي .

 اللهُ أكبرُ .. هكذا تكونُ الاستجابةُ

فكمْ سمعنَا نحنُ مِن الآياتِ والأحاديثِ والمواعظِ في الصدقةِ، وما حركتْ منَّا إلَّا القليل، وهذا يسمعُ آيةً واحدةً فيتحركُ إيمانُهّ ويتصدقُ بمزرعةٍ كبيرةٍ فيها مالُهُ وأهلُهّ!.

 بل لمَّا سمعَ الصحابةُ الأخيارُ آيةَ تحريمِ الخمرِ(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90

فقال عمرُ -رضي اللهُ عنه-:

انتهينَا  ربَّنَا انتهينَا ربَّنَا ,قال أنسُ بنُ مالكٍ رضى اللهُ عنه كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ في مَنْزِلِ أبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فأمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى، فَقالَ أبو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ ما هذا الصَّوْتُ، قالَ: فَخَرَجْتُ فَقُلتُ: هذا مُنَادٍ يُنَادِي: ألَا إنَّ الخَمْرَ قدْ حُرِّمَتْ، فَقالَ لِي: اذْهَبْ فأهْرِقْهَا، قالَ: فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ)رواه البخاري

فأين هؤلاء المدخنون مِن أصحابِ النبيِّ الأمينِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ؟عندما سمعُوا أنَّ الخمرَ قد حُرّمتْ ما قالَ أحدٌ منهم نشربُ ما في أيدينَا ثم نتركُ الخمرَ ولم يقلْ أحدُهُم ننتظرُ حتى نسمعَ مِن النبيِّ صلَّي اللهُ عليه وسلم  بأنفسِنَا ما قالُوا ما البديلُ؟  ولكن قالوا انتهينَا ربَّنَا ,انتهينَا ربَّنَا وصدقَ فيهم قولُ ربِّهِم:

(وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ) الفرقان(73). ولكنْ شتّانَ شتّانَ بينَ رجالٍ ربَّاهُم المصطفَي صلَّى اللهُ عليه و سلم  وكفَي، وبينَ رجالٍ تربُّوا علي يدى التافهين والتافهات، شتّانَ شتّانَ بينَ قومٍ قالُوا سمعنَا وأطعنَا، وبينَ قومٍ قالوا سمعنَا وعصينَا.

ولم تكنْ تلك الاستجابةُ قاصرةً على الرجالِ فحسب، بل كان النساءُ مثلَهُم

فعن صفيَّةَ بنتِ شيبةَ قالتْ: “بيْنمَا نحن عندَ عائشةَ قالتْ: فذكرْنَ نساءَ قريشٍ وفضلَهنَّ، فقالتْ عائشةُ رضِي اللهُ عنْها: “إنَّ لنساءِ قريشٍ لفضلاً، وإنِّي واللهِ- ما رأيتُ أفضلَ مِن نساءِ الأنصارِ أشدَّ تصديقًا لكتابِ اللهِ ولا إيمانًا بالتنزيلِ، لقد أُنزلَتْ سورةُ النورِ:

{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، انقلبَ رجالهنَّ إليهنَّ يتلونَ عليهنَّ ما أنزلَ اللهُ إليْهم فيها، ويتلُو الرَّجُلُ على امرأتِهِ وابنتِهِ وأختِهِ، وعلى كلِّ ذي قرابتِهِ، فما منهنَّ امرأةٌ إلاَّ قامتْ إلى مرطِهَا المرحَّلِ فاعتجرتْ بهِ، أي اختمرتْ بالمرطِ وهو الكساءُ تصديقًا وإيمانًا بمَا أنزلَ اللهُ مِن كتابِهِ، فأصبحنَ وراءَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم معْتجِراتٍ كأنَّ على رؤوسهنَّ الغربان)) رواه أبو داود وغيره.

 فهذه الآيةُ نزلتْ بالليلِ، فلم ينتظرنَ حتى الصباح، بل شققنَ الثيابَ وصنعنَ الخمرَ وصلينَ خلفَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم مختمرات، فرضيَ اللهُ عنهنَّ، وسبحانَ الله، ما أطهرَهَا مِن قلوبٍ، وما أنقَاهَا مِن نفوسٍ! فيا أختي في اللهِ، كيف استقبلتِ أمرَ الحجابِ هل تلكأتِ؟ هل جادلتِ:

عندما أَكْبُرُ، عندما أتزوجُ، عندما أنجبُ أولَ طفلٍ، إلى متى؟ هل قلتِ سمعنَا وأطعنَا  قالَ ربُّنَا {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} أين بناتُ اليومِ أين نساءُ اليومِ مِن بناتِ و نساءِ المؤمناتِ الأوائلِ

ولو كان النّساءُ كمن ذكرنَا  *** لفُضلتْ النساءُ على الرجالِ

فما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عيبٌ  ***  ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم

الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ولا عدوانَ إلّا علي الظالمين والعاقبةُ للمتقين، الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أما بعد………….

العنصر الرابع من خطبة الجمعة بعنوان : أهلُ الاستجابةِ في القرآنِ والسنةِ

رابعًا وأخيرًا: بَادرْ قبلَ أنْ تُبادرَ.

أيُّها المسلمّ أيُّها الموحدُ: بادرْ واستجبْ لربِّكَ وهو يدعُوكَ إلى الصلوات الخمسِ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وأدِّهَا مع جماعةِ المسلمين كمَا يحبُّ. بادرْ واستجبْ لربِّكَ في كلِّ أمرٍ أمرَكَ بهِ. بادرْ واستجبْ لربِّكَ في تركِ كلِّ ما حرَّمَ عليكَ مِن صغيرٍ أو كبيرٍ مِن ظلمِ العبادِ والغشِّ في المعاملةِ والكذبِ أو الغيبةِ، وأكلِ الربَا، والنظرِ إلى الحرامِ، وشربِ الحرامِ مِن المسكراتِ والدخانِ وغيرِهَا، وقُلْ كمَا قالَ الأولون: انتهينَا انتهينَا ربَّنَا .

بادرْ بالأعمالِ الصالحةِ قبلَ أنْ تغادرَ الحياةَ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا)) رواه مسلم , سبحانَ الله، استجابةٌ سريعةٌ هائلةٌ لإعلاناتِ الدنيا ومساهماتِ الدنيا، أمَّا الآخرةُ فكتابُ اللهِ يُتلَى، والقرآنُ مليءٌ بإعلاناتٍ ربانيةٍ تترَا )سَابِقُوا) (وَسَارِعُواْ) (فَاسْتَبِقُوا) (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين: 26.

 فأين هم أبناءُ الآخرةِ لينافسُوا أبناءَ الدنيا؟

أين هذا التزاحمُ الرهيبُ الذي نراهُ والتنافسُ الذي نشهدهُ في المساهماتِ وفي مشاريعِ الدنيا وفي الساحاتِ الخضراءِ في ملاعبِ كرةِ القدمِ؟! أين هم مِن بيوتِ اللهِ في أوقاتِ الصلواتِ؟! نريدُ أنْ نزاحمَ على أبوابِ الجنةِ، ونحن لا نزاحمُ على أبوابِ مساجدِنَا !!!بادرْ بالتوبةِ والندمِ على ما فرطنَا في جنبِ اللهِ قبلَ أنْ تبادرَ على أعناقِ الرجالِ !!

فيَا إخوتاه ما للعيونِ إلى زهرةِ الحياةِ الدُّنْيَا الفانيةِ ناظرةٌ؟!

وما للأقدامِ عن طَرِيقِ الهدايةِ الواضحةِ حائرةٌ؟!

وما للعزائمِ والهممِ عن الْعَمَلِ الصالحِ فاترةٌ؟!

وما للنفوسِ لا تتزود مِن التقوى وهي مسافرةٌ؟!

وما لها لا تتأهبُ وتستعدُّ للنقلةِ إلى دارِ الآخِرَةِ، أركُونًا إلى الدُّنْيَا وقَدْ فرّقتْ الجموعَ وكسرتْ أعناقَ الأكاسرةِ،

وقصرتْ آمالَ القياصرةِ وأدارتْ على أهلِهَا مِن تقلبِهَا الدائرةَ أم اغترارًا بالإقامةِ

ومطايا الأيامِ بكم في كُلِّ لحظةٍ سائرةٍ أم تسويفًا بالتوبةِ والأعمالِ

فهذه وَاللهِ الفكرةُ والصفقةُ الخاسرةُ.فيا حَسْرَةَ نفوسٍ أطمأَنَّتْ إلى الدُّنْيَا دارِ الغرورِ،

ويا خرابَ قُلُوبٍ عمرتْ بأمانِي كُلِّهَا باطلٌ وزورٌ

ويا نفاذَ أعمارٍ يُنقصُ منها كُلُّ يومٍ وساعةٍ ولا يُزَاد

ويا خيبةَ مسافرٍ يسيرُ السيرَ السريعَ وَهُوَ بلا زادٍ

فالبدارَ البدارَ بالتوبةِ البدارَ البدارَ  والغنيمةَ الغنيمةَ قبلَ انتهاءِ وَقْتِ الاختيار

وحضورِ وَقْتٍ لا تقالُ فيه العثرات.

فلنسارعْ بالاستجابةِ لأوامرِ اللهِ؛

لنكونَ على خُطَى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم والصحابةِ الأخيارِ الأطهارِ.

 فيَا سعادةَ مَن أطاعَ أمرَ ربِّهِ ورسولِهِ واستجاب!!

ويا خسارةَ مَن أعرضَ عن الاستجابةِ لهما واستكبرَ واستجبر!!

بادرْ قبلَ أنْ تبادرَ ولاتيأسْ ولاتقنطْ وإنْ كبرَ الذنبُ:

(إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف: من الآية87.

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ  )(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

وَلَدَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ آدَمَ بَاكِيًا ***   وَالنَّاسُ حَوْلَكَ يَضْحَكُونَ سُرُورَا

فَاجْهَدْ لِنَفْسِكَ أَنْ تَكُونَ إِذَا بَكَوْا  ***  فِي يَوْمِ مَوْتِكَ ضَاحِكًا مَسْرُورَا

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتب خطبة الجمعة بعنوان :

أهل الاستجابة في القرآن والسنة 

العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز 

 

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »